باكورة للبيع

في الصورة: طبق الباكوره, وهو نوع من البطاطا المنخولة في الطحين مقلية. طبق هندي على ما يبدو, هذا هو “الباكور الهندي” 😆

عنوان هذا المقال ليس له علاقة بقصة “بكارة للبيع” للمدونة الكبيرة “مروكية”, بل إنني فعلاً و رسمياً عاطل عن العمل, و لهذا قررت ان افتح كشكاً أبيع فيه الباكورة الهندية, كل ما ينقصني الآن هو مهارة الطبخ و الرغبة في الطبخ و رأس المال… ما لديّ الآن هو الفكرة, الفكرة هي المهمة أليس كذلك؟

يسألني الناس أحياناً عن الكتابة, السؤال الشهير: “من أين تأتي بهذه الأفكار؟”, ياله من سؤال. عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي أؤلفها شخصياً, فإن الإجابة عادة تكون: “أنا اختلق هذه الأشياء, أؤلفها”.

هذه الإجابة لديها مفعول عجيب على الناس, فهي تثير استغرابهم و دهشتهم, و أحيانا نفورهم. يظن الناس أنني اخادعهم, وكأنه هناك سرّ كبير حول مصدر الأفكار, و أنا الوحيد الذي اعرفه و احتفظ به لنفسي, ولن اخبر أي أحد عنه, أبداً.

لكن ما هذا السؤال, من أين تأتي الأفكار حقاً؟

كل شخص يمتهن مهنة يُسأل أسئلة من هذا النوع, الناس يسألون الطبيب عن نصيحة طبية, يسألون المحامي عن نصيحة قانونية, يسألون الشرطيّ إذا ما قد سبق له و اطلق عياراً نارياً, اما عامل النظافة فيقولون له ان هذه مهنة مثيرة للاهتمام ويغيّرون الموضوع فوراً. 😆

إذاً, من أين تأتي الأفكار؟ الأفكار تأتي من أي شيء, وتأتي للجميع, الفرق الوحيد بين الكاتب و الجميع هو ان الكاتب يلاحظ هذه الأفكار و يفكّر فيها أكثر من غيره, يُبلورها. الأفكار تأتي من أشياء نقرأها, نفعلها, نعيشها, نتنفسها, نلاحظها. الكاتب الكوميديّ يرى بقرة فيفكّر أنها تشبه الكلب الدلماسيّ المرقّع, الكاتب السياسيّ يرى أن بقرة وثوراً يشكلان تمثيلاً مبسطاً لمفهوم الرأسمالية, الكاتب الإخباريّ يرى أن البقرة مصابة بجنون البقر إذا فالبلد كله سيصاب بجنون البقر… الخ.

أحياناً فكرة معينة ممكن ان تكون بذرة لفكرة أخرى, هل هذا يعني أن هذه الفكرة “مسروقة”؟ هل الأفكار حقاً حكر على أحد؟ وبدون ان نخلط بين الفكرة و المحتوى. إذا أخذت رواية “حياة باي” و استبدلت النمر بأسد أو بأي حيوان مفترس, و استبدلت الفتى الهندي بفتاة أمريكية شقراء مثلاً… هذا محتوى مسروق وليس “تخاطر أفكار”. يخلط الناس بين الشيئين في غالب الوقت.

هذا أولاً. ثانياً, لا أظن أنني استطيع ان اشرح كيف تأتيني فكرة معينة وكيف أحولها إلى نص, إلى نكتة, إلى تغريدة. ولا أظن أن أي أحد سيود حقاً أن يجلس و يستمع إليّ و أنا أحاول ان اشرح طريقة تحويل فكرة إلى نص أو نكتة… الخ. كل ما يريدون سماعه هو من أين تأتي أفكاري. إنها تأتي من العاصمة على متن القطار, أفضلها يأتيني في أفضل الأوقات: قبل النوم, فوق التواليت, تحت الشاور, و بشكل عام… أي مكان لا يمكنني فيه ان ادوّن هذه الفكرة للإستعمال فيما بعد. لا يمكنكم تخيّل مقدار الأفكار التي خططت ان اكتب عنها او انفذها وفي النهاية تناسيتها.

لكن في النهاية, من أين تأتي الأفكار؟ الأفكار تأتي من أحلام اليقظة, من الملل, من المرض, من المأسي, من الأفراح, من ما تسمعه و ما تراه, من ما لا تسمعه ولا تراه, من أفكار أخرى, من تحت السرير, و من حكاوي كبار السن, من التلفزيون, من النافذة, من الاحوال الجوية, من اي شيء و من كل شيء, وحتى… من اللاشيء!

 

أما إذا كنت قد أتيت إلى هنا بحثاً عن مزحة, أو شيء للقهقهة, إليك:

قامت أم بتحضير طبق من الباكورة الهندية لإبنيها الصغيرين, أحمد و حميدة. كلاهما يتجادلان و يتعاركان حول من يأكل الباكورة الأولى (الباكورة الباكورة؟ 🙂 ). فرأت الأم في هذا فرصة لتعليم إبنيها درساً في القيم, فقالت لهما: “لو كان الرسول مكانكما لقال: سأسمح لأخي ان يحضى بالقطعة الأولى, وأنا سأنتظر دوري”
إستدار أحمد لأخيه و قال: “كُن انت الرسول!” 🙂

2 تعليقات

  1. Meh
    يونيو 21
    Reply

    رضوان ما رأيك بالصفقة الجديدة المحتملة بقوة للمان تياجو ألكانترا؟

    • يونيو 22
      Reply

      صفقة ممتازة جداً و اضافة قيمة لخط الوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

− 2 = 1