Travelogue

لقد كانت سنة 2017 بالنسبة لي سنة محبطة. لم يحدث أي شيء سيء على وجه التحديد، لم افقد أياً من أعزائي، صحتي لم تتدهور أكثر مما هي متدهورة سلفاً، ولم تحدث لي أية كوارث كبيرة. لكن من جهة أخرى لم يحدث أي شيء جيد كذلك، مات مجموعة من الاشخاص المشاهير الذين لا اهتم لهم، صحتي لم تتحسن، ولم تحدث أية كوارث كبيرة للأشخاص الذين أكرههم.

الثيمة التي طغت على الثلاثة سنوات الماضية من حياتي كانت الرتابة، إذ لا أزال بلا وظيفة منذ تخرجي، وليس لدي شيء أتطلع له في حياتي سوى النهوض في الصباح، تناول الفطور، تحميل الحلقات ومشاهدتها، القيام بما يجب القيام به في دليل التلفزيون العربي، تناول الغذاء ثم مشاهدة ما تبقى من الحلقات، تصفح تويتر، ثم النوم. تقريباً نفس الروتين كل يوم.

لقد كان الأمر مسلياً في السنة الأولى، لم أكن أمانع الأمر كثيراً، بعد سنة من الدراسة في مدينة اخرى الجلوس في البيت لم يكن يبدو فكرة سيئة للغاية، في السنة الثانية، بدأت الكأبة والاحباط تتسللان إلى حياتي، وبحلول السنة الثالثة أصابتني قناعة تامة بأن حياتي انتهت وأنه إذا عرض علي أحد ما الموت السهل فإنني كنت سأوافق على الأرجح. ﻻ أقول أنني أصبحت انتحارياً، بل فقط عندما لا يكون لديك هدف من الحياة فإن أي أحد يصبح انتحارياً، الأمر ليس معقداً لتلك الدرجة.

ربما قول أن سنة 2017 كلها كانت رتيبة سيكون كذبة كبيرة، في الواقع، سنحت لي الفرصة للسفر مرتين إلى فرنسا، وفعلت ذلك، لكن لأنها كانت رحلة عائلية، ولأنني مفلس تماماً، فكأنني لم أسافر أبداً إلى أوروبا. لذا عندما تتحدث مع الناس حول عامك، فمن الأفضل أن ﻻ تشتكي من السفر إلى أوروبا، مهما كانت الرحلة سيئة، ومهما كان عدد الاماكن السياحية التي زرتها 0، ومهما كنت قد قضيت معظم الرحلة على وسائل التنقل ذهاباً وجيئة بين المدن. إنه شيء غريب، كيف أن 2017 استطاعت أن تجعل شيئاً من المفترض انه تجربة رائعة إلى تجربة سيئة كلياً.

لكن أنا لست هنا للشكوى، وانت لم تأتِ هنا لتقرأ مغفلاً طويلاً ملتحياً يشتكي من سنته السيئة. كل ما في الأمر هو أنني احتفظت بمذكرة خلال رحلتي الثانية بغرض “التوثيق”، لقد كنت اؤمن حقاً ان الرحلة الثانية ستكون أفضل، وأنه ربما في هذه الرحلة الثانية قد أرى أماكن غير شقق وبيوت أقاربي في الغربة، وربما قد ابقى في باريس لمدة أطول من المدة التي يتطلبها تغيير المحطات بين القطارات، وربما قد أكل شيئاً غير الطواجن والكسكس، شيئاً فرنسياً ربما؟

لم يحدث أي من ذلك طبعاً، لكنني دونت العديد من الأشياء خلال الرحلة، أشياء حول الرحلة وأشياء غير ذات صلة، بعضها مضحك وبعضها افكار جادة وبعضها ملاحظات عامة فقط، والآن سأحاول فك طلامس ما كتبته (كنت أكتب افكاري في ثلاثة كلمات أو أقل) لنرى…

• أول 2 أفكار كانت شكوى حول الاطفال. أظن أن أهم شيء خرجت به من هذه الرحلة هو: ﻻ تنجب أطفالاً. لم أكن أفكر في الأمر أصلاً من قبل هذه الرحلة، سأخذ جيناتي القبيحة معي للقبر إذا استطعت.

أعني، أنظر للأمر، أعرف الكثير من أصدقائي الذين تزوجوا في عشرينياتهم وانجبوا أطفالاً، والآن ﻻ يستطيع أي منهم السفر إلى الخارج. أولاً، ﻷن الأطفال مكلفون للغاية، وثانياً، ﻷن السفر معهم جحيم لعين. يجب أن تهتم بهم طوال الوقت، ومن الصعب التفاوض معهم، وإذا بدأو بالبكاء فتلك قصة اخرى.

هذا تقريباً، ملخص أول فكرتين، السفر مع الاطفال جحيم، لا تفعله، والأفضل من هذا، لا تنجب من الأساس. أي نعم، الأطفال جميلون، لكن هناك ما يكفي منهم في هذا العالم. استخدم حريتك هذه للسفر الى بلدان أخرى ورؤية أطفال الأباء الأخرين والضياع في عيونهم الزرقاء.

• كيف تسافر المودلز النحيفات في الرحلات الطويلة؟

هذا سؤال غريب، لكن باعتباري شخصاً نحيفاً ذو مؤخرة نحيفة، الجلوس على مؤخرتي لعدة ساعات متتالية جعلني اتسائل كيف يستطيع بقية النحفاء أن يفعلوا هذا، ولم استطع التفكير في اي فئة معروفة بنحافتها غير المودلز. الأمر مؤلم جداً، بعد ساعة واحدة من الجلوس بلا حراك تبدأ بالشعور بأنك تجلس فعلا على مؤخرتك، لا أعرف طريقة أخرى للتعبير عن الأمر.

طوال القامة أيضاً، نعم تذكرة RyanAir رخيصة لكنك سوف تدفع الثمن بقدميك يا صديقي الطويل.

• لم يسبق لي أن رأيت في حياتي أحداً يرتدي تلك الملابس الداخلية البيضاء التي يظهر كرستيانو وبيكهام مرتدينها في تلك الدعايات.

من أول الأشياء التي يلاحظها المرء فور دخوله بلداً جديداً هو الاشهارات، وهذا كان من أوائل الأشياء التي رأيتها، وهذه هي الفكرة التي جائت ببالي. أعني، فكر في الأمر، ارتداء ملابس داخلية بيضاء يتطلب ثقة عالية في النفس، أنا مثلاً كل ملابسى الداخلية غامقة اللون. لا أثق في نفسي إلى تلك الدرجة.

• فنادق الجنس في إسبانيا؟

لم ار من اسبانيا سوى طرقاتها السريعة ومحطات البنزين، عندما يسألني أحد الأشخاص الذين يعرفون بسفري “كيف كانت اسبانيا؟” يكون جوابي بالغالب “جيدة، البنزين رخيص هناك”. تثير هذه المعلومة استغرابهم، ولكن لا يعرفون ماذا يقولون رداً على ذلك، وهذا شيء جيد. أي شيء يخرس أفراد عائلتك شيء جيد.

أما فنادق الجنس، فهذه كتبتها على هيئة سؤال ربما لكي أذكر نفسي لأبحث في الأمر فيما بعد. لأنه على طول الطريق (خصوصاً عندما كنا ندخل المدن لتعبئة البنزين او لسلك طريق مختلف) كانت تبدو لي الكثير من الأماكن التي من الواضح انها تبيع الجنس بشكل علني، وأثار الأمر انتباهي.

الآن، بعد أن بحثت في الأمر، يبدو أن الدعارة قانونية في اسبانيا. هاه، ربما تعلمنا شيئاً من هذه الرحلة!

• برامج الـGPS أحياناً لا يُعول عليها، وربما ترسلك في طريق أبعد بربع ساعة عن طريق اخر اسرع.

لا يبدو هذا مهماً إلى تلك الدرجة، على الأقل ليس لدرجة أن تغضب من الشخص المكلف بتحديد الطريق على الـGPS، وهذا ما ظننته، لكن لا تعلم أبداً، ربما السائق يحتاج للتغوط بشدة وﻻ يستطيع الانتظار ربع ساعة كاملة.

شخصياً، وجدت أن “التغوط في براري بلد مختلف” تجربة جيدة لتضيفها إلى حياتك، لكن قد ﻻ يتفق الجميع معك في هذا.

• بالنظر إلى أن اللحية اصبحت موضة في المجتمع الغربي، من الطبيعي ان تعتقد أن السفر بلحية ليس فكرة سيئة جداً. هذا إلى أن يجلس طفل صغير على بالون ويفجره في محل دومينوز، فينظر الجميع إليك أول شيء، بينما تحاول أن تبلع لقمة البيتزا تلك.

• هل سبق لك وأن كنت في منتصف محادثة طويلة قبل أن تدرك أنك في بلد أجنبي تتحدث بالدارجة في نقاش حول الصابون البلدي؟

• المشكلة في محادثات الدارجة في البلدان الأجنبية هو أن معظمها يدور حول البلد الذي تركته للتو خلفك وأتيت لبلد أخر لكي تستمتع به.

أحاول دائماً تفادي هذه المحادثات والمقارنات قدر الامكان، لكن كلما انجريت لها احد نفسي ألخص المقارنة في شيء بسيط: المسؤولية الشخصية. في المجتمع الغربي، الفرد لديه حس بالمسؤولية الشخصية، بداية بأبسط الأشياء كعدم رمي القمامة بالشارع، واحترام راكبي الباص/المترو/الترام المزدحم وعدم التزاحم معهم إن أمكن، مروراً بالأشياء الغير بسيطة كدفع الضرائب ومساعدة الاخرين من خلال الجمعيات وما الى ذلك، وانتهاءاً بالاشياء الكبرى مثلاً مساعدة الأشخاص الأقل حظاً، معاقين وما إلى ذلك، ودعمهم بما يكفي ليكونوا أعضاء فعالين في المجتمع، من طرف الحكومة وكذلك من طرف الأفراد.

إذا كنت أنا، كمواطن، ﻻ أشعر بأي مسؤولية تجاه بقية البشر، وبنفس الوقت اتوقع ان يشعر بقية البشر بمسؤولية تجاهي، لا عجب أن هذا البلد لا يتقدم.

• دخل عليّ رجل اسبانيّ في الحمام.

نعم، في إسبانيا، خلال توقف في محطة بنزين لملئ الوقوت وتفريغ المثانة، دخل رجل إلى نفس الكشك الذي كنت فيه لأن القفل لم يكن يعمل فلذلك دخل الرجل دون علم بأنني كنت بالداخل، واحمرّ وجهه واعتذر بشدة. لم يزعجني الأمر لأنني كنت على وشك الخروج ولم يحدث أي شيء، بل إنني وجدت الأمر مضحكاً، الرجل أنحرج وظل يعتذر، وخرج إلى خارج المرحاض كلياً ووقف بعيداً عن الباب.

لا أعلم لماذا دونت هذه الفكرة، وأنا متأكد أنها تبدو غريبة لكم وانتم تقرأونها هكذا، لكن فعلياً الأمر كان مضحكاً لأنني أنا القادم من مجتمع متزمت من يفترض بي أن أغضب في هذه اللحظة واشتمه والعنه، لكن كان الأمر مضحكاً في تلك اللحظة، لا استطيع تخيل ما دار بذهنه عندما فتح الباب ورأى هذا الشاب الطويل الملتحي المزغب أمامه، إن شكلي مرعب قليلاً خصوصاً وأن لحيتي كثيفة وغير مشذبة، في تلك الحالة، اعتقد أنه هو من كان يخاف ان يتم اغتصابه.

• ماذا لو كانت فتاة شقراء هي من دخلت عليّ؟

طبيعياً، عندما يدخل عليك رجل في حمام محطة بنزين رديئة في مكان مقفر من اسبانيا، حيث يوجد مرحاض واحد و 2 أكشاك غير محددة الأجناس، تفكير الذكر دائماً سيذهب إلى: ماذا لو كانت امرأة؟

أعتقد أنني أنا من كنت سأعتذر لها.

• لنحارب الضجيج.

طبعاً، عندما تسافر الى بلد مختلف فإنك ستقوم دوماً بمقارنات مع بلدك، لكن ﻻ أعتقد أن شيئاً أبان لي عن مقدار الاختلاف بين العيش في فرنسا والمغرب بقدر الدعايات المنتشرة في المدينة في حملة لمحاربة الضجيج في الأماكن السكنية، مع رقم مخصص للتبليغ عن حالات الضجيج. تخيل أن تكون أهم مشكلة تواجه المكان الذي تعيش فيه هو انتشار الضجيج في الأماكن السكنية؟

• هذا المكان يحتاج القليل من الضجيج.

عندما تعيش حياتك كلها في المغرب، الضجيج يصبح جزءاً من تركيبتك الجينية، تتعود عليه ويصبح جزءاً منك. فلذلك عندما تخرج في منطقة سكنية في منتصف يوم عمل لتذهب إلى أي مكان، لا شيء يقض مضجعك مثل السكون القاتل الذي يعم المكان، ﻻ تسمع سوى أثر خطواتك وهي تقع على الاسفلت، فتحاول أن تجعل خطواتك صامتة أكثر، وﻻ تجرؤ على الكلام.

إنه سكون غريب، لقد أحسست في منتصف النهار بشعور فتاة تمشي وحيدة في زقاق مظلم في أحد افلام الرعب، لقد كنت اخشى ان يتسلل علي أحد من الوراء ويقتلني في منتصف النهار. وكدت أموت حقاً عندما قفز كلب من احدى المنازل لينبح علي، لم أره، ولم أتوقعه، ونباحه كان مدوياً بسبب الصمت الذي يعم المكان، أظن أنني يومها بللت ملابسي الداخلية البيضاء.

• بكثرة التعود على قول “لا شيء” في إجابة عن أي سؤال حول حالتي، تطلبني بعض الوقت لأدرك معنى نظرات الدكتور الذي جلست أمامه. نعم، لقد قلت للدكتور “ﻻ شيء” عندما سألني ما خطبي. إلهي الرحيم!

• أنا أعرف منذ وقت طويل أن سمعي يواشك على الانعدام كلياً، لكن كان من المؤلم قراءة ورقة الطبيب التي تقول “المريض فقد 90% من سمعه في الأذن اليمنى و 85% في الآذن اليسرى، ويعتمد على قراءة الشفاه للتواصل مع الاخرين”، لكنني وجدت الأمر مؤلماً أكثر عندما أضاف، “وهو لا يجيد ذلك جداً”. ذلك السافل!

• الشيء المشترك بين كل دكاترة الأذنين الذين زرتهم هو أنهم جميعاً يبدأون الأمر بمحاولة القيام بمحادثة عادية معي، يسألونني عن حياتي ودراستي وما إلى ذلك، ويمشي الأمر على ما يرام إلى حين أن يرفع الدكتور يده أو ورقة ليغطي فمه. أيها الخائن، أتكشفني هكذا بهذه الطريقة؟ ظننت أننا أصدقاء!

• أصابني الملل في مرات عديدة خلال سفري، خصوصاً بالمساء بعد غروب الشمس حين تصبح الشوارع خالية والمحلات مغلقة، وبعد تصفح تويتر وانستاغرام وكل الشبكات الاجتماعية، لا يبقى لي سوى تيندر.

في البداية، عندما ركبت تيندر لأول مرة كان ذلك لمشاركة سكرينشوتات مضحكة حول الاشياء العبيطة التي تفعلها المغربيات في تيندر، خصوصاً الفتيات اللاتي يضعن صور أقل ما يقال عنها أنها غير مغرية في بروفايلاتهن. لكن بعد فترة الأمر أصبح مملاً خصوصاً بعد أن تمر على كل الفتيات في منطقتك.

تيندر في أوربا أمر مختلف، إنه أسرع وسيلة لكي يصيبك الإحباط والاكتئاب، أنظر إلى كل هذه النساء الجميلات اللاتي يبحثن عن طويل ملتحٍ، ربما ليس أنا، لكنهن يبحثن عن طويل ملتحٍ ما، وأنا هنا قاعد بلا شغل وﻻ مشغلة.

المثير للاهتمام هو أنه خلال فترة بقائي في منطقة ريفية رأيت ثيمة متكررة في بروفايلات النسوة على تيندر، كثير منهن كن يكتبن في بروفايلهن “أحب ركوب الأحصنة”. الأمر ليس غريباً، ركوب الأحصنة نشاط شائع في المناطق الريفية، لكن رغم ذلك تسائلت هل يمكن ان يكون “ركوب الاحصنة” إسقاطاً على شيء أخر مختلف كلياً؟ في كل الأحوال، أنا لا أجيد ركوب الاحصنة وﻻ احبه، بل في الواقع لا شيء مشترك بيني وبين الاحصنة سوى أسناني القبيحة.

• هذه قصة ذهابي إلى أول مطعم صيني في حياتي.

لقد كنت متحمساً للذهاب لأول مرة إلى مطعم صيني، لقد كنت متجهزاً ذهنياً من سنين للذهاب إلى مطعم صيني، وكنت أعرف تماماً ما أريد طلبه قبل أن أدخل إلى المكان حتى.

جلسنا أنا وقريبي وجاء النادل وحيانا، وفور ما سألنا عما نريده قفزت لأقول، بطريقة حماسية أكثر من اللزوم “Kung Pao Chicken” قبل أن أضيف، “George likes his chicken spicy!”. إنها جملة من ساينفلد، لأنني من النوع الذي يفترض أن الجميع يعرف ساينفلد وشاهد ساينفلد، أو يعرف الانجليزية على الأقل. واكتشفت بالطريقة الصعبة، المحرجة أن الأمر ليس كذلك.

النادل حدق في كما لو أنني جئت من المريخ، أما قريبي فقال “تشيكن؟ دجاج؟” وهز رأسه، “لا يمكنك أن تأخذ الدجاج”. لقد صدمني، لماذا لا يمكنني أن أتناول الدجاج الحار الذي يحبه جورج كوستانزا؟ “لأنه ليس حلال” قال قريبي. إلهي الرحيم، هل يجب أن يتبعني الدين إلى المطاعم الصينية كذلك؟

“حسناً، وما الذي يُذبح لديهم بالطريقة الحلال؟” سألته، فقال “سمك”. وكنت سأحرج نفسي بقول “كونغ باو سمك”، لكنني تداركت أمري.

ما تعلمته من الأمر برمته هو التالي: الله موجود في كل مكان، على عكس ساينفلد.

• هناك أشياء كثيرة أثارت غضبي في هذه الرحلة، لكن لم يغضبني أي شيء بقدر شيئين: الشاي و الـMotion Smoothing.

الشاي، كمغربي أنا متعود على شرب الشاي، وأكره القهوة ولدي حساسية من الحليب ومشتقاته، فلذلك دائماً عندما كان يسألني أحد عما أريد شربه، كنت أطلب الشاي، لأفاجئ بكأس من الماء الساخن به كيس شاي. يا جماعة، هذا ماء ونكهة، ليس شاي. إذا لم تُطهَ أوراق أعشاب من نوع ما على نار هادئة، لا يحق لك تسميته بالشاي. المزعج أن الأمر حدث أكثر من مرة، ﻷن طلب الشاي أصبح طبيعي بالنسبة لي فلذلك لا أفكر في الأمر كثيراً، لكن فور ما تخرج كلمة “شاي” من فمي وأتذكر أنني طلبت الآن “ماء بنكهة” يصيبني الندم على الفور. المصيبة أنك مجبر أن تشرب الكأس من باب الأدب لأنك طلبته. شيت.

الشيء الثاتي هو أن كل منزل دخلته أجد فيه شاشة 50 بوصة، يفسد قيمتها كلياً خيار الـMotion Smoothing المفعل تلقائياً من طرف المصنع. وكيف يمكنك أن تشرح لأقاربك المشكلة في تلفازهم والذي يرون أن ﻻ خطب فيه. هيا، قل لي كيف تشرح الـMotion Smoothing لشخص غير تكنولوجي بدون الاستعانة بويكيبيديا.

إذا أنت مجبر لأن تجلس هناك تتفرج على بشر يتحركون بطريقة منافية للطبيعة على التلفاز بينما تشرب الشاي. عفوا، ماء بنكهة.

• كيف تشارك تفاصيل سفرك مع اصدقاءك على الشبكات الاجتماعية بدون أن تبدو بمظهر المتباهي؟

هذا سؤال أرقني كثيراً. شخصياً، قررت أن ﻻ أشارك أي صور وﻻ أنشر أي شيء عن سفري من باب الاحترام لأصدقائي الذين لم تتاح لهم الفرصة، ولأنني شخصياً أكره الأشخاص الذين يبالغون في نشر الصور والتحديثات من كل مكان يزورونه، وبعضهم يقوم ببث لايف لسفرياته لسبب لا يعلمه أحد.

لكن أحياناً اود أن أشارك قصة أو صورة من السفر بدون أي تباهي مقصود وأخشى أن يفهم الأمر بشكل خطأ، هذا بالاضافة الى موضوع الشكوى الذي تطرقت له سلفاً، ﻻ أحد يود سماعك تشتكي من مشاكلك التافهة التي تقول انها افسدت عليك سفريتك.

قد تود وضع صورتك بجانب برج إيفل مع تعليق ساخر حول انك أطول من برج إيفل، وكل ما قد يراه شخص ما هو انك تتباهى. ﻻ أعلم لماذا يزعجني الأمر لهذه الدرجة، لكنني اخرجت نفسي من المعمعة كلها ولم انشر أي شيء.

بشكل أو بأخر، أنا نفس السافل المكتئب الذي لا يزال يبحث عن عمل، سفر صغير لم يغير أي شيء حقاً.


بالنظر إلى ما كل كتب أعلاه، ربما أنا مخطئ في اعتقادي أن هذه السفريات لم تعطني أي تجارب مغيرة للحياة، ﻻ أعلم يا جماعة، هل يمكن حقاً أن يدخل عليك رجل إلى الحمام ولا تعتبر ذلك تجربة مغيرة للحياة؟

3 Comments

  1. Abdulrahman Haddad
    يناير 1
    Reply

    واضخ أن دخول الرجل عليك بالحمام أعظم تجربة خضتها في 2017 يا رضوان 😂👌

  2. يونس
    أغسطس 4
    Reply

    يا راااااجل . المرة القادمة عندما تسافر الى اوربا تابع طريقك نحو الشمال الى الدول الاسكندنافية . تعال لزيارتي هنا و أنا من سيكون ممتنا لك. كما أعدك بتجربة سوف تفجر دماغك ، ولعلك أدرى بشقراوات الشمال المحبات لذوي الذقون غير المشذبة فارعي الطول هاهنا . واذا حصل و غيرت رأيك يمكنك ان تنضم الي في الحراسة الليلية و نحرس سور الشمال المتهالك معا . تحياتي سي رضوان

  3. Redone Bouhlassa
    سبتمبر 5
    Reply

    شاهدت ساينفلد , ودعني اقول اني ضحكت طويلا على طلبك للكونغ باو ههههههههههههههههههههههه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

+ 46 = 56