هذه السنة, هي السنة الثانية عشر لي (تقريباً) في تشجيع مانشستر يونايتد, منذ سنة 2000 بالتحديد. آنذاك, كانت متابعة مانشستر يونايتد امراً غير هيّن, فلم يكن هناك لا شفرات ولا شيرنغ وبالتأكيد لم يكن لدينا المال للاشتراك في القناة التي تنقل الدوري آنذاك, اياً كانت. ولذلك كانت متابعتي لفريقي المفضل تقتصر على أخبار اورونيوز, اعتكف كل صباح امام التلفاز لأرى عجائب كتيبة السير أليكس. ولأنني الاحمق الوحيد الذي يشجع مانشستر يونايتد في حييّ, كنت اعاني صعوبة لشرح ماهية “مانشستر يونايتد” ومن أين أتو وما إلى ذلك إلى اصدقائي و زملائي بالفصل, الذين كانو جميعاً بدون استثناء, يا اما يشجعون ريال مدريد او برشلونة, و هو ذات السبب الذي كان يجعلني أدعو لكي يلتقي مانشستر يونايتد بهما في دوري الابطال, لكي يتسنى لي مشاهدة مباراة مباشرة لفريقي المفضل في المقهى, طبعاً ذلك يحدث مرة في السنة أو لا يحدث, وحدث مرة واحدة فقط في الخمسة سنوات الاولى من تشجيعي للفريق.
مضت الايام و اصبحت الامبيسي تبث إعادات المباريات, بين الفينة و الأخرى. وبعد بضعة سنوات اصبحت هناك شفرات القنوات وأقتنى والدي بطاقة لقمر أسترا, وبدأت اتعود على مشاهدة الفريق بشكل منقطع, وليس دائماً, لأن القنوات الفرنسية تنقل مباراة واحدة من الدوري الانغليزي ويالحظي إذا كانت مباراة اليونايتد. بعد وقت طويل على هذا المنوال, اقتنينا جهازاً رقمياً جديداً يفتح “الشوتايم”, و من هنا بدأ حظي السعيد و مذاك الوقت لم افوت سوى حوالي عشرة مباريات لليونايتد. كنت احب الفريق حباً جماً و أبجله و اتفاخر به امام الجميع, “أين ريالك؟ أين برشلونتك؟” كنت افحم منتقديَّ يمنة و يسرة سنة 2008. أوقات جميلة.
وهذا هو ما سأتكلم عنه, انا متأكد من أن معظم مشجعي فرق كرة القدم هم مشجعون اوفياء و يحبون فرقهم للغاية, لدرجة تبذير اموالهم لكي يروهم على ارض الملعب إذا تطلب الامر. نحب فريقنا ونهتم له, و نحب ان نعتقد ان فريقنا أيضاً يهتم لنا, نحن مشجعيه و عشاقه. لكن في الواقع, لا احد يهتم لنا, طبعاً الجميع يدعي انه يحب مشجعي الفريق و يهتم لهم وما الى ذلك. هذا هراء! فبطبيعة الحال سيقول ذلك, و إلا اذا لم يكن هناك من يشجع هذا الفريق و يحبه, من سيدفع لرواتب اللاعبين و الاداريين وجز العشب وجامع الكرات؟ الدولة؟ فريقك لا يهتم لك, بالنسبة له انت لا وجود لك سوى عندما تدفع.
سأحكي لكم قصة أخرى, في نهائي روما 2009, مانشستر يونايتد أول فريق أوروبي يفوز بدوري الابطال و يعود للنهائي في الموسم الذي يليه. أدعو صديقي البرشلوني المقرب جداً, إلى ان نشاهد المباراة معاً في المقهى, الذي يعج بالبرشلونيين ايضاً, وإني متأكد انني المانشستراوي الحقيقي الوحيد الذي بالمقهى, ما إذا استثنينا المدريديين المتعددي الوجوه الجالسين بالخلف. إنتهت المباراة, خسر مانشستر يونايتد بهدفين لصفر, شيء مؤلم, احسست بأن جزءاً مني مات, رفعت قميص اليونايتد الذي ارتديه إلى رأسي, و غطيت رأسي و عدت إلى البيت. وفي طريقي إلى دخول البيت ركلت الباب من شدة الغضب و السخط, تملكني الحزن, كيف وأنا جالس امام وخلف و يسار و يمين برشلوني لعين, في كل الجهات, كان مشهداً محطماً للفؤاد.
دلفت إلى غرفتي, وبعد وقت قصير هدأت و زال مني كل انفعال و شعور بالعار. و جلست افكر, ذلك الباب الذي ركلته؟ اكان يستحق ان اركله بسبب فريقي؟ أكان يستحق ان أعوجه و ربما اكسره او أن الحق به ضرراً من أجل فريقي المفضل؟ لن اخبركم ما الإجابة, لكنني ساخبركم قصة أخرى.
“كان هناك ذات مرة, طبيب بمدينة… لنقل… نيو دلهي, اعتاد ان يرتاد نوادي التعري, و كان هناك نادٍ قريب من مكان عمله, والذي كان يرتاده وقتما سنحت له الفرصة. على اية حال, هذا الطبيب كان معجباً جداً بإحدى “الراقصات” هناك. و كان يعود لعمله و يخبر زملائه عن مدى إعجاب تلك الفتاة به, و أنها تخبره بأنه “مميز و مختلف عن الأخرين” وما إلى ذلك من هذا الهراء, و استمر هذا الهراء لبضعة اشهر. و ثم ذات يوم, يوم “عيد العشاق” تحديداً, ذهب إلى ذلك النادي بحزمة ورود لكي يطلب من تلك “الراقصة” ان تواعده. احزرو ماذا حدث…”
لعلكم الآن تفكرون في أنها رفضت وقالت “لا”
لا, لم يطلب منها ذلك حتى. لأنه عندما دخل, وجدها جالسة بحضن شخص أخر و “ترقص” له. فحاول ان يهاجم ذلك الشخص و انتهى به الامر مضروباً بزجاجة على رأسه, كأحمق مغفّل. وهي, للمعلومية, حركة معروف أنها ستجعلك تتلقى زجاجة على رأسك, كأحمق مغفل!
ما نفهمه من هذه القصة, بإستثناء ان هذا الطبيب أحمق مغفل. هو ان اي شخص سليم عقلياً سيدرك ان “الراقصة” ستجاملك دائماً لكي تبقيك مهتماً بالعودة دائماً, لكن بنهاية اليوم, هي لا تهتم لك. أنت مجرد ماكينة أموال بالنسبة لها, هذا هو عملها. وهل تعلمون شيئاً, هذا هو نفس الشيء مع أي فريق, سواء فريق كرة او سلة او بطيخ حتى, هذه هي نظرتهم اللعينة إليك. لذا في المرة القادمة التي تود فيها ان تركل شيئاً. تذكر هذا: فريقك لا يهتم بك, لذا لماذا ستدعه بحق الجحيم ان يفسد يومك؟ أو أكثر من هذا… ان يفسد باب منزلك الجميل؟
الفرق هذه الايام تقوم بأشياء أنانية, لأسباب مالية بحتة, لكننا نتقبل الامر بشكل شخصي. ندخل المنتديات و نكتب المقالات و المواضيع, و نتكلم عنها في التلفزيون و الراديو, و نغضب و نقول ان فريقنا خاننا. فريقنا باع مبادئه و اشتراها بدعاية لقطر, فريقنا باع نفسه إلى ملاك شرهين, فريقنا زاد اثمنة التذاكر, فريقنا فعل فريقنا ترك, نقول “فريقنا”, رغم اننا لا نملك شيئاً منه. لأننا نحب ان نعتقد ان “فريقنا” يهتم بنا بقدر اهتمامنا به. لكنهم ليسو كذلك, إنهم يرقصون على أحضان أياً من كان لديه مال اكثر. لذا عندما نتصرف كذلك الطبيب, لا يجب علينا ان نتفاجئ في كل مرة نُضرب فيها بزجاجة على الرأس!
قرأت هذا الموضوع متأخرة
لكن اليوم كان مناسبا لقراءته
تزامنا مع مباراة البارصا طبعا 🙂
للأسف نحب أن نوهم أنفسنا بأن فرقنا تحبنا
🙂
وتستمر بذلك أوهامنا
الأمر أكثر من مجرد فريقك لا يهتم بك بالنسبة لي
لما كنت صغيرا كنت من المشجعين المتعصبين لفريق محلي للبطولة الوطنية
كنت أتجادل كثيرا مع أصحابي من مشجعي الفرق الأخرى و غالبا ما يرتفع صوتي و أضايق الناس بذلك
و يوما ما و شيئا فشيئا لم أعد أكترث البتة بكرة القدم إلى يومنا هذا. و السبب فيما يلي..
لما يتعرض فريقي المفضل للهزيمة و يأتيني أحدهم و يقول لي لقد انتصرنا عليكم يجعلني ذلك غاضبا و أرد بأنني لم أكن ألعب معهم و أنه لا دخل لي في ذلك؟ أقر بأنها إجابة منطقية تشفي غليلي في تلك اللحظة لكنها تدل على تناقض واضح.. فأنا أغضب لسبب لم تقترفه يداي و من أجل غاية مجردة لا نفع لها. تساءلت.. لما علي أن أنفعل سلبيا بسبب شيء عديم الفائدة؟ من أجل فريق كرة قدم؟! ماهو فريق كرة القدم علي أية حال؟ إنه كما وصفه جيري في إحدى حلقات ساينفيلد مجرد قميص لا غير! فاللاعبون يتغيرون و الطاقم يتغير.. على كل حال، إحزر ما الذي حصل؟ ظفرت بالسكينة و راحة البال و تطورت في عقلية اللامبالاة و كان الإبتعاد عن الإنفعال و الكرب خطوتي الأولى صوب السعادة. أو تدري ماذا كانت الخطوة الموالية بعد دحر اللأحاسيس السلبية؟ القضاء على الملل عن طريق مشاهدة المسلسلات الأجنبية حيث لا رابح و لا خاسر.
على كل. أعتقد أنه على شخص في مثل وعيك أن يبدي عدم اكتراثه بلعب الربح و الخسارة. لا أدري هل أنك تكلف نفسك ذلك العناء. هل تعتقد بأنه يصح نعتك بالشخص الفاشل لو أنك مازلت تفعل ذلك؟
التشجيع مسألة عاطفية, وكأي أمر عاطفيّ أخر لا يمكنك أن تقيسه أو تقارنه بين شخص وأخر, هناك شخص تجده يشجع فريق له عقود من الزمن يذهب للملاعب ليشجع الفريق, و تراه يفرح لأتفه الأهداف كما تفرح أنت لهدف في نهائي التشامبينزليغ, لا أظن اننا نستطيع أن نقول أن هذا الرجل مثلاً فاشل. لكن أستطيع أن أقول أنه من الأفضل للمرء أن “يكبر مخه” ولا يعطي كرة القدم أكثر من قيمتها.