المشروبات الروحية

يُعرف هيبوكلوريت الصوديوم في الأوساط الغير علمية بإسم ماء جافيل. في المغرب هناك نوعان من جافيل, النوع القويّ وهو “روح جافيل”, و النوع الأخر المخفف و يسمى “جافيل” وحسب, وهو عبارة عن “روح جافيل” مُضاف إليه الماء لتخفيف قوته. لقد كبرت وسط عائلة تعيد إستعمال أي قنينة, لملئها بسوائل أخرى, الماء على وجه الخصوص في الصيف لتبريده, بالخصوص قنينة “جافيل” البيضاء لأنها “معقمة” (التي يتم في العادة اعادة تعبئتها عند نفاذ جافيل منها من عند المحل). ذات يوم توجهت للمطبخ لكي أروي عطشي, أمسكت القنينة البيضاء الموجودة فوق المنضدة و فتحت الغطاء و بدأت اشرب بنهم, قبل أن أدرك بعد فوات الأوان انني أشرب قنينة “روح جافيل” وليس الماء البارد, تقيأت فوراً ما تغذيته ذلك اليوم, لا أزال أتذكر بالتفصيل ما تقيأته, بالخصوص تلك السلطة..

My name is Redouane, i was an chloroholic, i’m now 15 years sober
(لمن لم يفهم: هذه عبارة تقديمية معروفة في مجموعات علاج الإدمان على الكحول… بتصرف 🙂 )

يقول لي الناس دوماً أنه يجب علي أن أكتب كتاباً عن حياتي, أجيبهم دوماً قائلاً: “ومن سيود ان يقرأ كتاباً عن حياتي الرتيبة و المملة؟”. لكن في الحقيقة, عندما تنظر للأمر من زاوية منطقية, فمذكرات الكوميديين هي أفضل مذكرات يمكن أن تقراها في حياتك كلها.

دعونا من مذكرات السياسيين و المناضلين, طز في آن فرانك و مانديلا. لماذا؟ لأنه أبرز الأساليب الفكاهة و أفضلها هي التحدث عن نفسك. ليس هذا وحسب, بل التحدث عن نفسك بصراحة لا تجدها عند أكبر سياسيّ أو أشهر شخص في العالم. هل ستجد رجل سياسة يقبل بأن يخبرك بأكثر تجربة احراجاً في حياته؟ لا, لن يخاطر بالتسبب لنفسه بالاحراج و السخرية و تعريض نفسه لكلام الناس و إشارات أصابعهم. لكن بالنسبة للكوميديّ, هذا هو ما يعتاش عليه. الكوميديّ يعرف كيف يحول أي حدث في حياته مهما كان جاداً أو سخيفاً إلى مادة كوميدية يُرفه بها عن الناس.

السبب الأخر الذي يجعل الناس يقولون لي أنه يجب علي أن أكتب كتاباً ( بجانب كوني أفضل كوميديّ رأوه في حياتهم), هو أن الأشياء التي تحدث لي يومياً في حياتي لا تحدث مع أي شخص. لا تصدقونني؟ إسمعو التالي..

في يوم اعتياديّ بالجامعة, في فترة الغذاء توجهت انا وصديقي للمركز التجاريّ لتناول الغذاء, طلبنا نفس الشيء, عندما جهز الطلب سألنا ما إذا كنا نريد الفلفل الحار في السندويتش, صديقي أجاب بالإيجاب و أنا بالنفي, فنظر إلي صاحب المحل ضاحكاً وقال: “هاها, لأنك لِحية!”

طبعاً, لدي لحية عظيمة الآن (صديقي و والدتي والعالم كله يخبرني انه يجب علي ان احلقها, لكن هيهات!), و صاحب المحل يشير إلى الجانب الدينيّ من اللحية. لكنني عجزت أن أفهم ما الرابط بين اللحية أو الدين بالفلفل الحار؟ هل توقع مني أن أقول له “مابك يا هذا أتريد لي الهلاك, أبعد عني ذلك الحرام!”

هذه القصة القصيرة ليست محرجة وقد تبدو انه لا علاقة لها بما ذكرته بالاعلى, لكنني مصر على وجهة نظري, ولكي أثبت لكم مدى تيقني من وجهة نظري سأخبركم شيئاً واحداً محرجاً عني… طولي 2 أمتار (أعيد ذِكر هذا في حالة ما إذا كنت لم تقرأ أي مقال سابق هنا), عندما أقف في الباص (عندما يكون مملوءاً)… أطلق الريح في وجه الراكب الجالس بجانبي!

الآن أتوني بأي رجل سياسة سيجرؤ أن يخبركم بهذا..

تعليق واحد

  1. ديسمبر 7
    Reply

    Hi Redouan!
    ابتسمت بعد أن فهمت العنوان 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

93 − = 86